ثانياً:: اليبوسيون والكنعانيون
كان العرب اليبوسيون أول من حفِظ التاريخ الإنساني سكنهم في القدس، فقديماً لم تكن أنواع الكتابة والتدوين قد اكتشفت بعد، وبقي الاعتماد في دراسة التاريخ على الأحافير كمصدر وحيد إلى أن اكتشفت الكتابة وابتدأ التأريخ الإنساني، وكان ذلك قبل أكثر من ستة آلاف عام حين هاجرت قبائل اليبوسيين من موطنهم الأصلي في الجزيرة العربية واستوطنوا مدينة القدس وما حولها، فعرفت أرض فلسطين بأرض اليبوسيين، الذين سُجّل لهم إنشاء عاصمة دولتهم في مدينة القدس، حيث كانت تعرف آنذاك باسم (يبوس) أو ( أورسالم). وبالتزامن مع اليبوسيين هاجرت قبائل العرب الكنعانيين من جزيرة العرب إلى فلسطين، وهاجر الفينقيون الذين كانوا من بطون الكنعانيين العرب أيضاً، و تركز وجود هؤلاء في مناطق الشمال الفلسطينية، وأسسوا في فلسطين ما يزيد على مئتي مدينة كانت أبرزها (يبوس) القدس التابعة لليبوسيين، إضافة إلى (شكيم) نابلس، و (حبرون) الخليل.
كما عاش في فلسطين في ذات الفترة، شعب العموريين أو الأموريين، وهي قبائل عربية نتج عنها على مدى مئات السنين شعب الهكسوس الذي كان له دور بالغ الأهمية في مدينة القدس.
جدير بالإشارة أن أقوام (اليبوسيين) الذين حكموا القدس كانوا وثنيين غير مؤمنين، ومن هنا لا يأتي الاستشهاد بسكنهم لمدينة القدس من باب الفخر بأن العرب كانوا أول من سكن هذه المدينة، إنما يأتي في سياق دحض الافتراءات اليهودية التي تدّعي أنّ اليهود هم سكان القدس الأصليون، وأنهم أول من عمر المدينة المقدسة وسكنها، مزيّفين بذلك فترة تاريخية هامة تمثلت بهذه الشعوب العربية التي سبق وجودها في القدس الوجود اليهودي بأكثر من 1500 عام.
ثالثاً:: الهكسوسوالفراعنة
غزت قبائل الهكسوس مدينة القدس قرابة العام 1774 ق.م ، ضمن حملة كبيرة قامت بهذا هذه القبائل لغزو مصر والشام، واستطاع الهكسوس إجلاء حكم الفراعنة وبقايا اليبوسيين في القدس وما حولها، وأصبحوا حكامها.
ووفق المصادر التاريخية فإن سيدنا إبراهيم -عليه السلام- عاصر الحكم الهكسوسي للقدس، ودخل المسجد الاقصى وبعض المدن المحيطة بالمدينة المقدسة.غزت قبائل الهكسوس مدينة القدس قرابة العام 1774 ق.م ، ضمن حملة كبيرة قامت بهذا هذه القبائل لغزو مصر والشام، واستطاع الهكسوس إجلاء حكم الفراعنة وبقايا اليبوسيين في القدس وما حولها، وأصبحوا حكامها.
وتحت حكم الهكسوس للمدينة ظهر سيدنا يعقوب وإسحاق –عليهما السلام- ، وظهر بنو إسرائيل جنوبي النقب (صحراء فلسطين) إلى أن ارتحلوا مع سيدنا يوسف إلى مصر كما ورد في القرآن الكريم. وعاش نسل يعقوب عليه السلام قرابة 150 عاماً في مصر تحت حكم الهكسوس الذين كانوا يعطون رعيتهم حرية دينية، إلى أن ضعف الهكسوس وهزموا على يد الفراعنة وطردوا من أرض مصر والشام، وأصبحت مدينة القدس تحت الحكم الفرعوني، الذي تميّز بالاضطهاد الديني والسياسي، وعمِد الفراعنة إلى صياغة حكم ذاتي لمدينة القدس موالي للدولة الفرعونية وحاكماً باسمها.
وإحقاقًا لسنة الله في الأرض، بدأت الدولة الفرعونية تضعف تدريجياً وتتقلص مساحتها، بفعل التناحر العرقي والتناحر على الملك داخل الدولة، وعادت أجيال اليبوسيين والكنعانيين إلى لملمة صفوفها من جديد، والاهتمام بزيادة تسليحهم وقوتهم إلى أن استطاعوا الاستئثار بحكم القدس وما حولها من جديد، والانخلاع تدريجياً من سلطة دولة الفراعنة.
تميّزت أجيال اليبوسيين والكنعانيين العرب في تلك الفترة بالشدة والغلظة، وقد أشار القرآن الكريم إليهم في معرض قصة بني إسرائيل في القرآن الكريم: " قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ "