اعلمأخيالمسلم الحبيب أن للمؤمنين في الدنيا ثلاثة أعياد لا غير، عيد يتكررفي كلأسبوع وهو يوم الجمعة، وعيدان يأتيان في كل عام مرة، وهما عيداالفطروالأضحى، لمَّـا قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كان لهميومانيلعبون فيهما، فقال: «إنّ الله قد أبدلكم يومين خيراً منهما: يومالفطر،ويوم الأضحى»، فأبدلنا الله بيومي اللهو واللعب هذين يومي الذكر،والشكر،والمغفرة، والعفـو.
وكما للمؤمنين أعياد في الدنيا فلهم كذلكأعياد في الجنّة، يجتمعون فيها،ويتزاورون، ويزورون ربّهم الغفور الرحيم،وهي نفس أيام الأعياد الثلاثة فيالدنيا: يوم الفطر، والأضحى، ويوم الجمعةالذي يدعى بيوم المزيد؛ أمّاالخواص فإنّ أيّامهم كلها عيد، حيث يزورونربهم في كل يوم مرتين بكرةوعشياً.
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله: "الخواص كانت أيام الدنيا كلها لهم أعياداً فصارت أيامهم في الآخرة كلها أعياداً".
قال الحسن: "كل يوم لا يعصي الله فيه فهو عيد، كل يوم يقطعه المؤمن في طاعة مولاه، وذكره، وشكره فهو له عيد".
فما الذي ينبغي علينا أن نعمله في هذا العيد، وما الذي ينبغي اجتنابه؟
ما ينبغي عمله في العيد
أولاً:العيدان يثبتان بالرؤية وليس بالحساب، وهذا إجماع من أهل السنةلقوله صلىالله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غُمَّ عليكمفأكملواعدّة شعبان ثلاثين ليلة»؛ أمّا الصلاة فبالتقويم الشمسي.
ثانياً:استحب جماعة من أهل العلم إحياء ليلة العيد، منهم الشافعي، ولميصحّ في ذلكحديث، وكل الآثار التي وردت في ذلك ضعيفة، وعن ابن عباس رضيالله عنهما:"أن إحياء ليلة العيد أن يصلي العشاء في جماعة ويعزم أن يصليالصبح فيجماعة".
ثالثاً:التكبير، ومن السنة أن يبدأ التكبير من ليلة العيد في الأسواق،والبيوت،ودبر الصلوات المكتوبة، وفي الطريق، وقبل الصلاة؛ ويكبر الإمامأثناءالخطبة؛ وصفته: ((الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا اللهواللهأكبر، الله أكبر، ولله الحمد))؛ ويستمر التكبير دبر الصلوات إلىصلاة عصرثالث أيام التشريـق.
رابعاً: من السنة أن يغتسل لصلاة العيد،فقد روي أن علياً وابن عمر رضيالله عنهم كانا يغتسلان، وروي مالك بسندصحيح: "أن ابن عمر كان يغتسل يومالفطر قبل أن يغدو"، أي لصلاة العيد.
خامساً: من السنة أن يلبس المسلم أحسن ثيابه ويتطيب لصلاة العيد، وفي يوم العيد، جديدة كانت الثياب أم مغسولة.
سادساً:التعجيل بصلاة العيد بعد الشروق، ووقتها من طلوع الشمس إلىالزوال، والسنةإخراج النسـاء، حتى الحيض، والأطفال، شريطة أن يكنمتحجبات، غير متطيبات،ولا مختلطات بالرجال في الطرقات والمراكب، ليشهدنالخير ودعوة المسلمين،وإن لم يلتزمن بذلك فلا يخرجن.
سابعاً: يصلي العيد جماعة،ركعتان، يكبِّر في الأولى بعد تكبيرة الإحرامسبع تكبيرات ويرفع يديه فيها،ويقرأ بعد الفاتحة بسورة "ق"، ويكبِّر فيالثانية خمس تكبيرات سوى تكبيرةالرفع من السجود، ويقرأ بعد الفاتحة بسورةالواقعة، وله أن يقرأ فيها بعدالفاتحة بسبِّح والغاشية، يجهر فيهمابالقراءة؛ وحكمها أنها فرض كفاية، وقيل سنة مؤكدة.
ثامناً: لا أذان ولا إقامة لصلاة العيد، ولا سنة قبلها ولا بعدها.
تاسعاً: تُصلى العيد في المصلى والصحارى، ولا تُصلى في المسجد إلا لضرورة، إلا في مكة المكرمـة.
عاشراً: كل تكبيرة من تكبيرات العيد سنة مؤكدة، يسجد الإمام والمنفرد للواحدة منها، وقيل لا شيء على من نسيها.
أحدعشر: المسبوق يكمل صلاته بعد سلام الإمام بكامل هيئتها، وإن جاء فيالركعةالأولى أوالثانية ووجد الإمام شرع في القراءة كبر في الأولى سبعاًبعدتكبيرة الإحرام وفي الثانية خمساً، ومن فاتته الصلاة صلى منفرداً.
الثانيعشر: للعيد خطبتان بعد الصلاة يجلس بينهما، يحث فيهما الإمامُالمسلمين علىتقوى الله والتمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويبينأحكام الأضحيةوما يتعلق بها، ويسن الاستماع إليهما.
الثالث عشر: بعد الفراغمن الصلاة والخطبة يتعجل الإمام بذبح أضحيته،وكذلك يفعل جميع الناس،ليفطروا منها، ومن لم يتمكن من الذبح في اليومالأول ذبح في اليوم الثانيأوالثالث.
الرابع عشر: من السنة أن يرجع من العيد بطريق غير الطريق الذي جاء به.
الخامس عشر: الأضحية له أن يأكل منها، ويتصدق، ويدخر، مالم تكن هناك جائحة، ولا يحل له أن يبيع شيئاً منها.
السادسعشر: والأضحية سنة مؤكدة على الموسرين من الرجال والنساء،المقيمينوالمسافرين، المتزوجين وغير المتزوجين، من الأحرار والعبيد، أماالمعسرفلا حرج عليه في ذلك.
السابع عشر: يجزئ في الأضحية الجذعمن الضأن، وهو ما أتم ستة أشهر؛والثنيّ من الماعز، وهو ما أتم سنة ودخل فيالثانية؛ ومن الإبل؛ ومنالبقر؛ ويشترط فيها السلامة من العيوب، وقد نهيناأن نضحي بالعرجاء البينعرجها، والعجفاء، والعمياء، والكسيرة.
الثامن عشر: من السنة أن يصل المضحي أهله، وأرحامه، وجيرانه، وأن يصافي ويعافي من بينه وبينه شحناء.
التاسع عشر: يقال في التهنئة بالعيد: "تقبل الله منا ومنك"، ويقول الرادّ كذلك.
العشرون: الإكثار من ذكر الله تعالى .
الحادي والعشرون: إذا اجتمع عيد وجمعة فقد ذهب أهل العلم في صلاة الجمعة ثلاثة مذاهب:
وقدروي هذا عن عمر، وعثمان، وعلي، وسعيد، وابن عمر، وابن عباس، وابنالزبير،ومن الفقهاء الشعبي، والنخعي، والأوزاعي، ودليل ذلك ما روى إياسبن أبيرملة الشامي قال: شهدت معاوية يسأل زيد بن أرقم: هل شهدت مع رسولاللهعيدين اجتمعا في يوم واحد؟ قال: نعـم. قال: فكيف صنع؟ قـال: صلىالعيـد، ثمرخص في الجمعة.
وقد روي عن ابن الزبير رضي الله عنهما عندما كان أميراً على الحجاز واتفق عيد وجمعة أنه صلى العيد ولم يخرج بعدُ إلا لصلاة