الرئيسية
لطالما أثارنا الفراعنة بعجيب حضارتهم وكثرة الألغاز التي وجدناها في آثارهم، ولو أفردت لهذا الأمر كتاباً واحداً ضخماً لن يسعني ..
ولو أفردت له موسوعة كاملة لن يسعني، ولكني سأكتفي في هذه المرة بعرض قصة نقش بسيط للغاية تم تصويره على معبد دندرة، ويعتبر أعجوبة عصره بما يحويه هذا النقش ..
إذا يحوي رسماً واضحاً للمصباح الكهربي كما نعرفه في يومنا هذا وإن كان حجمه أكبر كثيراً.
خرائب دندرة أو البقية الباقية من معبد دندرة حيث يقع على بعد أكثر من 600 كيلو متر من مدينة القاهرة، وحيث يتهافت السياح إلى رؤية واكتشاف كل ما هو مميز في حضارة المصريين القدماء.
المعبد بُني في عهد آخر ملوك الفراعنة، الملك (نخب انبو الثاني) حيث يعتبر هذا الملك آخر ملك مصري حكم مصر حتى حكم الرئيس (محمد نجيب) إذ لم يتعاقب على حكم مصر من يومها حكام مصريين، وإنما اختلفت أصولهم حتى ثورة يوليو 1952.
المعبد مبني بنفس الطراز الذي بُنيت به كل المعابد الفرعونية القديمة، فنجد أنه مقسم إلى قاعات ضخمة موزع فيها العواميد الفرعونية الخلابة، ذات النقوش المميزة للحضارة الفرعونية، و أسفل القاعات الضخمة حجرات الدفن السرية والتي تصل إليها عن طريق مجموعة من السراديب المعقدة.
في أحد هذه السراديب توقف الكثيرون مع نقش غاية في العجب يمثل، ربما لو رأيته لا يثير داخلك أي شيء عجيب لألفته .. حيث يصور لك ذلك النقش مصباحاً كهربياً .. مصباحاً كهربياً في عهد الفراعنة.
المتفحص في النقش يجد اللوحة تتكون من رجل يحمل وعاء زجاجي شفاف، وتم استنتاج أنه زجاجي شفاف من طبيعة الرسم، حيث يوضح الرسم ما بداخله، والوعاء الزجاجي كمثري الشكل طويل، يحمله الرجل من رأسه الضخمة الكمثرية، بينما قاعدته محمولة على زهرة اللوتس المشهورة، وفي وسط الوعاء بطوله نجد خطاً لولبياً بطول الوعاء الزجاجي (اللمبة) يشبه سلك التنجستين الموجود في المصابيح الكهربية المشهورة.
وتحت المصباح في الرسمة يجلس ثلاثة أشخاص، أو حسب المنظور البعيد للرسمة يجلس ثلاثة أشخاص يتابعون الرسم، وفي الجانب نقشة لقرد يحمل سكينتين متقاطعتين وكأنها علامة تحذيرية من خطورة هذا الشيء، وتبدو هذه العلامة شديدة الشبه بشعار القراصنة القديم، الجمجمة المتقاطعة على عظمتين، والذي بات يُستعمل في كل مكان وخاصة شركات الكهرباء للدلالة على خطر الكهرباء وخطر الموت.
يتوقف المرء مع الرسم قليلاً ويتساءل عن طبيعته وأصله، وهل عرف المصريون القدماء الكهرباء حقاً أم الأمر لا يعدو مجرد تشابه في الرسم؟
هذا رأي الكثيرين، بأن هذه الأداة ربما تكون دالة على شيء ما، خاصة أن النقوش بأسفلها تحكي عن طقوس المصريين في عيد رأس السنة الفرعونية، والتي يقومون فيها بعمل الاحتفالات، فربما كانت هذه هي نقشة لعمل احتفال من نوع ما وأن هذه الأداة التي تشبه المصباح الكهربي ما هي إلا أداة لشيء ما ليس بالضرورة أن يكون معبراً عن الكهرباء، وإن كان هناك تشابه ما.
يقول البعض أنه ربما يكون تصور لاختراع المصباح الكهربي قام به أحد عباقرة الفراعنة لاختراع مصباح لا يقوم بتشويه جدران حجرات الدفن الملكية بالسخام، فاخترع المصباح المُغطى ليتلافى هذا العيب، وربما كان المصباح يعمل بوسيلة أخرى غير وسيلة الكهرباء، وربما يُفسر هذا سر كبر حجمه.
ونأتي لنقطة السخام لنفتح ملفاً جديداً .. كيف استطاع الفراعنة رسم حجرات الدفن الملكية المخبوءة في باطن الأرض بدون مصدر للإضاءة، وإن كان هناك مصدر إضاءة معتاد مثل شعلة من النار، فكيف تم رسم هذه الرسومات الجميلة اللامعة بدون أن تؤثر هذه الشعلة بالسخام التقليدي المصاحب لشعلات النار في الأماكن الخالية من الهواء؟
البعض يقول إن المصريين كانوا يقومون برسم هذه الرسومات في ضوء النهار بدون أن يغطوا حجرة الدفن الملكية، ثم يقومون بتغطيتها في النهاية .. ربما، ولكن النقش في هذه الحالة يتعرض لعوامل التعرية حتى يتم تغطيته، فلماذا تبدو النقوش سليمة جميلة لا أثر لغبار الشمس عليها؟
البعض الآخر يقول أن المصريين كانوا يقومون بعكس ضوء الشمس عن طريق بعض المرايا حتى تصل إلى حجرة الدفن الملكية ويقوم الرسامون برسم لوحاتهم .. ربما .. ولكن هذا لا ينفي أن المصريين كانوا على علم باختراع مثل المصباح الكهربي .. ولي في هذا تحليلي الخاص.
البعض يحتج بأن نقوش الفراعنة لا تحوي لمثل هذا النقش مثيلاً، ولكن الرد عندي أن معبد دندرة يعتبر آخر معبد تم بناءه من قبل الفراعنة ثم تم الاحتلال الروماني لمصر، وعرفت مصر المسيحية التي لا تهتم بعمارة المقابر حسب المعتقدات الفرعونية. فبالتالي يكون هذا الرسم في آخر عهد الفراعنة، فلو كان المصباح مكتشفاً في هذه الفترة، وتبدلت حضارة الفراعنة بعدها بالاحتلال الروماني فإنه من الطبيعي ألا تجد لهذا النقش مثيلاً في أي معابد أخرى، حيث أن هذا المعبد هو آخر المعابد.
ثم ما المانع في أن يكون هذا النقش لمصباح كهربي ولكن ينقصه مصدر للطاقة، ويجب ألا نهون من شأن الحضارات القديمة ونصورها في كتبنا الدراسية والثقافية بتلك الصورة الرديئة الهزيلة .. ولنا في بطارية بغداد مثل .. ذلك الوعاء الفخاري الذي وُجد في بغداد في عام 1930 والذي تم اكتشاف أنه وسيلة لتوليد شحنة كهربية تكفي للطلاء.
أعتقد أن الباب موارباً لكي نتطلع أكثر إلى حضارة الفراعنة والحضارات القديمة الأخرى بعين أخرى تساعدنا على إدراك أسرار علوم ربما لم نكتشفها بعد حتى الآن .. ولنا في عجز العالم عن بناء أبنية عملاقة مثل الأهرامات حكمة .. في عصرنا الحديث وبتكنولوجيتنا المتقدمة.
