ذبح الأنثى باسم العفة... الختان في الواجهة ثانية
لافا خالد
ارتبط وضع المرأة وملامح استعبادها بوضع العبيد في المجتمعات القديمة، فالعبيد في المجتمعات العبودية لم يمثلوا إلا أدوات إنتاجية انتفت الحاجة إلى احتفاظهم بما وهبه الله للرجل بغرض احتفاظ بالجنس البشري وكذلك الحال بالنسبة للمرأة فقد تم التعامل مع جسدها بذات الطريقة من خلال ما يعرف بختان المرأة التي تؤرخ وتثبت الحالة فيها لعصر الحضارات الفرعونية ومن ثم تمتد لعصور لاحقة ومجتمعات وحضارات تتزامن ليومنا هذا، وتنتشر على امتداد مجتمعات العالم الثالث.
تتعرض المرأة إلى أقسى أشكال العنف، عن طريق تشويه جسدها أو اقتطاع جزء منه، والحديث هنا ليس عن سرقة الكلى، الحديث هنا عن الختان أو اجتثاث عضو أنثوي خلقه الله لحكمة كبقية الأعضاء. ففي سورة الفرقان "خلق كل شيء فقدره تقديراً" و الحديث الشريف حيث لعن الرسول الكريم (ص) من تغير في خلق الله.
مؤخرا عرضت إحدى الفضائيات برنامجا عن ختان المرأة، في المجتمعات الإفريقية والعربية وذكرت أرقاماً مخيفة في نسبة السيدات اللواتي يتعرضن للختان، فقد أظهرت تقارير الأمم المتحدة أن نحو مليوني امرأة ونصف يتعرضن للختان سنويا أي بمعدل يزيد عن6000 امرأة يومياً، أو بمعدل 5 فتيات في الدقيقة في أكثر من أربعين دولة منها مصر والسودان وجيبوتي والصومال واليمن وموريتانيا، وآثار موت الفتاة المصرية ذات التسعة سنوات والتي ماتت نتيجة أخذها جرعة زائدة من مادة التخدير أثار وفاتها ضجة كبيرة في عموم المجتمع المصري وتدخلت وسائل الإعلام لتفتح بوابة هذه القضية في بلدان أخرى كثيرة منها موريتانيا التي لا تزال تمارس العملية على قدم وساق ودول افريقية غير عربية، والسؤال: ماتت هذه الطفلة البريئة وتركت خلفها ملفا مفتوحا يطرح الكثير من التساؤلات: ماذا عن أولئك الذين يموتون خلف الأضواء؟ وماذا عن ملايين الإناث المختونات المعذبات؟ من يشعر بآلامهن النفسية؟ من يأتي لهن بحقوقهن؟ من يرفع معانتهن الجنسية التي تؤثر وبكل وضوح على حياة أزواجهن الاجتماعية؟ ماذا تقول المنظمات المدافعة عن حقوق المرأة ؟ وكيف ينظر الشرع لهذه القضية؟ وماذا يقول الطب في ختان المرأة؟
الموقف الطبي من ختان المرأة
الطبيب زين الدين حسن اختصاصي أمراض نسائية يعرف الختان: من الطبية هو عبارة عن استئصال المنطقة الأمامية العليا المحيطة بفتحة الفرج، حيث يتم استئصال البظر والشفرات ومن ثم خياطتها، ليتم إغلاق المنطقة الأمامية بالكامل مع ترك فتحة صغيرة في الأسفل
وللختان أنواع تمارس في كل منطقة بطرق مختلفة وتترك مضاعفات ونتائج سلبية تؤثر على المرأة في مختلف جوانب حياتها سيما والطريقة التي تختن بها في الكثير من البلدان هي طرق بدائية وحشية تتم بواسطة سيدات كبيرات في السن مثل القابلات وفي ظروف غير صحية وقد وجدت في دراسات أن حوالي 17٪ فقط من حالات الختان تتم بواسطة طبيب والختان في الدول الإسلامية يجرى دائماً في سن مبكرة للبنات معظمهن يجري تختينهن فيما بين سن الخامسة والسابعة من العمر، ولعل أكثر المضاعفات وأهمها هي التي تنجم عن العملية نفسها فور حدوث الختان وهو النزيف الدموي من مكان الختان فقد دلت معظم البحوث أن هناك حوالي 3-5٪ يتعرضن إلى نزيف دموي شديد وخاصة عندما تجرى لهن عمليات الختان الفرعوني. ويلي تلك المضاعفات حدوث التهابات شديدة وتقرحات وتجمع الصديد وربما احتباس في البول.
وقد حدث حالات وفاة للأطفال بسبب حدوث نزيف شديد وهناك مضاعفات أخرى عند الزواج أو الجماع فقد تتمزق المنطقة المخاطة أثناء الجماع وينجم عن ذلك نزف دموي وتحدث أيضاً آلام شديدة أثناء الجماع تؤدي إلى الانفصال الزوجي إضافة لمضاعفات تظهر أثناء الولادة فقد تتمزق منطقة خياطة الختان أثناء الولادة وخروج الجنين أما إذا تمت الولادة في المشفى فيقوم الطبيب بفتح الخياطة لتسهيل عمليات الولادة وذلك لأن بعض الختان يؤدي إلى ضيق فتحة المهبل الخارجية مما يتطلب شق تلك المنطقة.
الموقف الديني
كانت المرأة تختن عند العرب قبل الإسلام. كما جاء في الحديث «إذا خفضت فاشمي، ولا تنهكي فإنه أبهى للوجه وأحظى لها عند الزواج» وقد علق عليه أبو دواد في سننه في الجزء الخامس قائلاً أن الحديث ليس بالقوي إذ أن القرآن الكريم لم يذكر الختان في أي آية من آياته، وفلسفته في التعامل مع الجسد البشرى تؤكد حرمته لكن الحديث الذي استخدمه مؤيدو الختان وجاء فى سنن بن داود أن امرأة كانت تختن بالمدينة، فقال لها النبي لا تنهكي فإن ذلك أحظى للرجل وأحب للبعل، وقد علق عليه أبو دواد فى سننه في الجزء الخامس قائلاً أن الحديث ليس بالقوي ويقول يوسف القرضاوي: وإما الختان البنات فمن المسائل التي اختلف حولها الفقهاء والأطباء بين مؤيد ومعارض واعدل الأقوال هو اختيار الختان الخفيف الذي لا يقضي على شهوة البنت على أن لا يكون مكرمة وأمرا مستحسناً لا واجباً ويضيف الشيخ القرضاوي: لا يوجد دليل صحيح من الأحاديث يدل على الوجوب أو السنية بالنسبة لختان النساء
ختان البنات قبل الإسلام عرض تاريخي
الختان بوجه عام عادة قديمة، يقول " هيرودوت " المؤرِّخ الإغريقي: إن الذين زاولوا الخِتان منذ أقدم العصور هم المصريون والآشوريون والكوشيديون والأحباش، أما غيرهم من الشُّعوب فقد عَرَفُوه من المصريين، وقد اكتشف في مقبرة الأطباء بسقَّارة رسومًا فيها عمليات جراحية يرجَّح أنها للختان كما يتضح من وضع المريضين الشابين " وكانت البنات تُختن في مصر القديمة كما يقول المؤرخ " سترابو " وقد يكون على الطريقة المتَّبعة في النُّوبة وبلاد السودان التي يسمُّونها : الختان الفِرْعَوْني.
تقول اليزابيت غولد دافيس مؤلفة كتاب I begynn elsen var kvinnan إن احد البطاركة المعقدين، في نهاية عصر الثورة البطريركية فكر في كيفية التقليل من اللذة الجنسية لدى المرأة دون أن يؤثر ذلك على لذة الرجل، فقال ارستو: (البظر هو مركز استمتاع المرأة، اقطعوه اذاً). ويقال إن استئصال (البظر) أو ختان النساء ظهر في ليدن في آسيا الوسطى في عهد مليكها (كيبس) أي 700 عام قبل المسيح. ولكن هيرودوت يدحض هذا الرأي ويقول ان ليدن في زمن (كيبس) كانت تحكم من قبل النساء وهناك الكثيرون ممن يصدقون حكاية هاجر زوجة النبي إبراهيم ووالدة إسماعيل (ع) ويعتبرونها أول ضحية من ضحايا الختان والبعض يعتقد أن ظاهرة ختان البنات تعود إلى عهد الساميين ولهذا يعتقد البعض أن العرب هم من أوائل مؤدي ختان البنات وان شتيمة (ابن الغير مختونة) كانت من أبشع الشتائم لديهم!! وهم يعتقدون إن الإحساس الجنسي لدى المرأة غير المختونة، متوقد مما يؤدي إلى الخيانة الزوجية.
الختان عند الكورد
كما مختلف المجمعات الشرقية لازال للمجتمع الكردي نصيب وافر من إرث العادات والتقاليد التي أنهكت مجتمعهم، مثلا فيما يتعلق بمسألة ختان المرأة أتذكر كبار السن عندنا حينما كانوا يتكلمون عن ختانها، هذه الظاهرة التي تقلصت تدريجيا نتيجة النداءات المستمرة من قبل منظمات حقوق الإنسان التي أظهرت البعد السلبي الواضح في شخصية المرأة المختونة وانعكاس الختان سلبا على مجمل حياتها، مع الإشارة إلى أن كرد العراق لازالوا يمارسون هذه الظاهرة التي بدورها في طريها للانقراض، أشار تقرير منظمة العفو الدولية لعام 2005 إلى وجود ظاهرة ختان النساء في المناطق الكردية العراقية التالية ضواحي حلبجة وكيرميان وكركوك. هذا التقرير جاء مستنداً على مسح صحي ميداني قامت به منظمة وادي. هذه المنظمة موجودة في كردستان أكثر من عشرة سنوات. في خريف 2004 أكملت هذه المنظمة من مقابلة 1544 امرأة وفتاة في 40 قرية في منطقة كيرميان كانت نتيجة المسح 907 أي أكثر من 60% تعرضن إلى هذه العملية كانت المقابلة قد جرت لنساء وطفلات فوق 10 سنوات.
عام 2003 قام صحفي هولندي وكاتب كردي بمقابلة عدد من الأطباء مع عدد من رجال الدين وعدد من المنظمات المهتمة بحقوق الإنسان وفتحا ملف ختان المرأة في عموم المجتمع الكردي بالتساؤل: من أعطى الحق للقابلة الأمية أن تقطع جزء من جسم هذه الفتاة وهي بعيدة عن كل المقومات الصحية وهناك نص قانوني في معاهدة الأمم المتحدة التي تنص يجب حماية المراة من الختان، ذكر معظم الأطباء في مقابلة الصحفي الهولندي في مستشفى سورش إن حالات النزيف الناتجة من ختان النساء قلت ومعظم الحالات كانت عند الفتيات. في نفس المستشفى ذكرت طبيبة نسائية التي عملت في هذه المستشفى لأكثر من 25 سنة صادفت 10 حالات لهذه العملية بطلب من الزوج. كان التثقيف يجرى في المجتمع بان المرأة غير المختونة ستكون غير مؤهلة لإعداد الطعام والاعتناء بشؤون البيت لأنها تعتبر غير نظيفة وذكرت المنظمة، بأن إحدى النساء المتزوجة حديثاً عانت الكثير من المعاملة السيئة من أهل زوجها مما دفعها إلى إجراء العملية لنفسها.
أسباب تقلص ظاهرة الختان في المجتمع الكردي
كان للمنظمات النسوية دوراً رائداً في مختلف المناطق التي عانت ختان المرأة، اذ قمن بحملة ضد الختان النسوي واستمدت المنظمات النسوية قوتهن عندما جاء رجال الدين في السليمانية بفتوى في أيار عام 2005 تقول إن هذه العملية مؤذية للمرأة، وهذه الفتوى تناقلتها التلفزيونات الكردية في برنامج" الدين والحياة ". وهناك خلاف في المدارس الدينية. المدرسة الشافعية التي يخضع لها الأكراد تفرض الختان على المرأة والرجل المدرسة الحنبلية تفرض على الرجال فقط.
وأكدوا إن خِتان النساء هو تقليد قديم مُتخـِّلِف لا يمـُتْ بأي صِلة للإسلام، شأنه شأن وأد البنات أو غيرها من العادات الغريبة التي تتمَعـَّن في اضطهاد المرأة؛ وخِتان النساء هو عادة غريبة مـُتخلـِّفة لا توجد إلا في المجتمعات المـُتخلـِّفة (دونا ً عن سواها ) والعملية هي خرق واضح لكل الأعراف والأخلاق والقوانين الدولية.
ماذا عن رأي علم النفس
يقول الباحث سليمان مصطفى اختصاصي أمراض نفسية: ما يسمى ختان المرأة جريمة وأذى نفسي كبير بحق المرأة في مختلف أماكن تواجدها هذه العملية تسبب للمرأة جرحاً كبيراً في نفسها، ومن الناحية الطبية تشير التقارير إلى حجم الأثر الذي تخلفه هذه العملية على المرأة ، بالعلم إن معظم من يمارسن هذه المسألة سيدات أميات لا يحتكمن للعلم أبداً وحتى الدين يرفض ختان المرأة، عمليا يتم الختان بحجة الشرف والعفة. والسؤال متي سينهض المجتمع من غفلته ليدرك أن الشرف والعفة ليسوا مرتبطين بجسد الأنثى ولكنهم مرتبطين بمكارم الأخلاق التي يفتقدها الكثيرون.
كلمة أخيرة
ختان المرأة ظاهرة تمارس في بلدان عديدة ونسبة من يمارس بحقهن في العالم العربي في تزايد لا في تناقص، كما تشير الكثير من التقارير، أتذكر صديقتي الموريتانية أثناء الدراسة الجامعية كانت تكلمني عن الظاهرة في مجتمعها وكأنه أمر أقل من العادي، ونبقى لنذكر إن ختان المرأة تشويه لجسدها وتغيير في خلق الله وتعذيب لها، وختانها يمثل المحرم الذي يجب أن نتحاشاه لأنه يتعلق بالمرأة والحديث عنها أشبه بالبحث عن الحقيقة في حقل ألغام يعج بألغام التابو الموروثة منها والمنتجة بذات الذهنية التي تقوم ببتر جزء من جسد المرأة بغرض تحجيم أو إلغاء متعة وهبها الله للإنسان أكان رجلا أم امرأة.
والسؤال: هل يبقى جسد المرأة أقدم مستعمرة شهدت أبشع الجرائم التاريخية فوق جغرافيتها وهل يبقى الجسد يقاوم أزلية محاولات امتهانها.
لافا خالد
ارتبط وضع المرأة وملامح استعبادها بوضع العبيد في المجتمعات القديمة، فالعبيد في المجتمعات العبودية لم يمثلوا إلا أدوات إنتاجية انتفت الحاجة إلى احتفاظهم بما وهبه الله للرجل بغرض احتفاظ بالجنس البشري وكذلك الحال بالنسبة للمرأة فقد تم التعامل مع جسدها بذات الطريقة من خلال ما يعرف بختان المرأة التي تؤرخ وتثبت الحالة فيها لعصر الحضارات الفرعونية ومن ثم تمتد لعصور لاحقة ومجتمعات وحضارات تتزامن ليومنا هذا، وتنتشر على امتداد مجتمعات العالم الثالث.
تتعرض المرأة إلى أقسى أشكال العنف، عن طريق تشويه جسدها أو اقتطاع جزء منه، والحديث هنا ليس عن سرقة الكلى، الحديث هنا عن الختان أو اجتثاث عضو أنثوي خلقه الله لحكمة كبقية الأعضاء. ففي سورة الفرقان "خلق كل شيء فقدره تقديراً" و الحديث الشريف حيث لعن الرسول الكريم (ص) من تغير في خلق الله.
مؤخرا عرضت إحدى الفضائيات برنامجا عن ختان المرأة، في المجتمعات الإفريقية والعربية وذكرت أرقاماً مخيفة في نسبة السيدات اللواتي يتعرضن للختان، فقد أظهرت تقارير الأمم المتحدة أن نحو مليوني امرأة ونصف يتعرضن للختان سنويا أي بمعدل يزيد عن6000 امرأة يومياً، أو بمعدل 5 فتيات في الدقيقة في أكثر من أربعين دولة منها مصر والسودان وجيبوتي والصومال واليمن وموريتانيا، وآثار موت الفتاة المصرية ذات التسعة سنوات والتي ماتت نتيجة أخذها جرعة زائدة من مادة التخدير أثار وفاتها ضجة كبيرة في عموم المجتمع المصري وتدخلت وسائل الإعلام لتفتح بوابة هذه القضية في بلدان أخرى كثيرة منها موريتانيا التي لا تزال تمارس العملية على قدم وساق ودول افريقية غير عربية، والسؤال: ماتت هذه الطفلة البريئة وتركت خلفها ملفا مفتوحا يطرح الكثير من التساؤلات: ماذا عن أولئك الذين يموتون خلف الأضواء؟ وماذا عن ملايين الإناث المختونات المعذبات؟ من يشعر بآلامهن النفسية؟ من يأتي لهن بحقوقهن؟ من يرفع معانتهن الجنسية التي تؤثر وبكل وضوح على حياة أزواجهن الاجتماعية؟ ماذا تقول المنظمات المدافعة عن حقوق المرأة ؟ وكيف ينظر الشرع لهذه القضية؟ وماذا يقول الطب في ختان المرأة؟
الموقف الطبي من ختان المرأة
الطبيب زين الدين حسن اختصاصي أمراض نسائية يعرف الختان: من الطبية هو عبارة عن استئصال المنطقة الأمامية العليا المحيطة بفتحة الفرج، حيث يتم استئصال البظر والشفرات ومن ثم خياطتها، ليتم إغلاق المنطقة الأمامية بالكامل مع ترك فتحة صغيرة في الأسفل
وللختان أنواع تمارس في كل منطقة بطرق مختلفة وتترك مضاعفات ونتائج سلبية تؤثر على المرأة في مختلف جوانب حياتها سيما والطريقة التي تختن بها في الكثير من البلدان هي طرق بدائية وحشية تتم بواسطة سيدات كبيرات في السن مثل القابلات وفي ظروف غير صحية وقد وجدت في دراسات أن حوالي 17٪ فقط من حالات الختان تتم بواسطة طبيب والختان في الدول الإسلامية يجرى دائماً في سن مبكرة للبنات معظمهن يجري تختينهن فيما بين سن الخامسة والسابعة من العمر، ولعل أكثر المضاعفات وأهمها هي التي تنجم عن العملية نفسها فور حدوث الختان وهو النزيف الدموي من مكان الختان فقد دلت معظم البحوث أن هناك حوالي 3-5٪ يتعرضن إلى نزيف دموي شديد وخاصة عندما تجرى لهن عمليات الختان الفرعوني. ويلي تلك المضاعفات حدوث التهابات شديدة وتقرحات وتجمع الصديد وربما احتباس في البول.
وقد حدث حالات وفاة للأطفال بسبب حدوث نزيف شديد وهناك مضاعفات أخرى عند الزواج أو الجماع فقد تتمزق المنطقة المخاطة أثناء الجماع وينجم عن ذلك نزف دموي وتحدث أيضاً آلام شديدة أثناء الجماع تؤدي إلى الانفصال الزوجي إضافة لمضاعفات تظهر أثناء الولادة فقد تتمزق منطقة خياطة الختان أثناء الولادة وخروج الجنين أما إذا تمت الولادة في المشفى فيقوم الطبيب بفتح الخياطة لتسهيل عمليات الولادة وذلك لأن بعض الختان يؤدي إلى ضيق فتحة المهبل الخارجية مما يتطلب شق تلك المنطقة.
الموقف الديني
كانت المرأة تختن عند العرب قبل الإسلام. كما جاء في الحديث «إذا خفضت فاشمي، ولا تنهكي فإنه أبهى للوجه وأحظى لها عند الزواج» وقد علق عليه أبو دواد في سننه في الجزء الخامس قائلاً أن الحديث ليس بالقوي إذ أن القرآن الكريم لم يذكر الختان في أي آية من آياته، وفلسفته في التعامل مع الجسد البشرى تؤكد حرمته لكن الحديث الذي استخدمه مؤيدو الختان وجاء فى سنن بن داود أن امرأة كانت تختن بالمدينة، فقال لها النبي لا تنهكي فإن ذلك أحظى للرجل وأحب للبعل، وقد علق عليه أبو دواد فى سننه في الجزء الخامس قائلاً أن الحديث ليس بالقوي ويقول يوسف القرضاوي: وإما الختان البنات فمن المسائل التي اختلف حولها الفقهاء والأطباء بين مؤيد ومعارض واعدل الأقوال هو اختيار الختان الخفيف الذي لا يقضي على شهوة البنت على أن لا يكون مكرمة وأمرا مستحسناً لا واجباً ويضيف الشيخ القرضاوي: لا يوجد دليل صحيح من الأحاديث يدل على الوجوب أو السنية بالنسبة لختان النساء
ختان البنات قبل الإسلام عرض تاريخي
الختان بوجه عام عادة قديمة، يقول " هيرودوت " المؤرِّخ الإغريقي: إن الذين زاولوا الخِتان منذ أقدم العصور هم المصريون والآشوريون والكوشيديون والأحباش، أما غيرهم من الشُّعوب فقد عَرَفُوه من المصريين، وقد اكتشف في مقبرة الأطباء بسقَّارة رسومًا فيها عمليات جراحية يرجَّح أنها للختان كما يتضح من وضع المريضين الشابين " وكانت البنات تُختن في مصر القديمة كما يقول المؤرخ " سترابو " وقد يكون على الطريقة المتَّبعة في النُّوبة وبلاد السودان التي يسمُّونها : الختان الفِرْعَوْني.
تقول اليزابيت غولد دافيس مؤلفة كتاب I begynn elsen var kvinnan إن احد البطاركة المعقدين، في نهاية عصر الثورة البطريركية فكر في كيفية التقليل من اللذة الجنسية لدى المرأة دون أن يؤثر ذلك على لذة الرجل، فقال ارستو: (البظر هو مركز استمتاع المرأة، اقطعوه اذاً). ويقال إن استئصال (البظر) أو ختان النساء ظهر في ليدن في آسيا الوسطى في عهد مليكها (كيبس) أي 700 عام قبل المسيح. ولكن هيرودوت يدحض هذا الرأي ويقول ان ليدن في زمن (كيبس) كانت تحكم من قبل النساء وهناك الكثيرون ممن يصدقون حكاية هاجر زوجة النبي إبراهيم ووالدة إسماعيل (ع) ويعتبرونها أول ضحية من ضحايا الختان والبعض يعتقد أن ظاهرة ختان البنات تعود إلى عهد الساميين ولهذا يعتقد البعض أن العرب هم من أوائل مؤدي ختان البنات وان شتيمة (ابن الغير مختونة) كانت من أبشع الشتائم لديهم!! وهم يعتقدون إن الإحساس الجنسي لدى المرأة غير المختونة، متوقد مما يؤدي إلى الخيانة الزوجية.
الختان عند الكورد
كما مختلف المجمعات الشرقية لازال للمجتمع الكردي نصيب وافر من إرث العادات والتقاليد التي أنهكت مجتمعهم، مثلا فيما يتعلق بمسألة ختان المرأة أتذكر كبار السن عندنا حينما كانوا يتكلمون عن ختانها، هذه الظاهرة التي تقلصت تدريجيا نتيجة النداءات المستمرة من قبل منظمات حقوق الإنسان التي أظهرت البعد السلبي الواضح في شخصية المرأة المختونة وانعكاس الختان سلبا على مجمل حياتها، مع الإشارة إلى أن كرد العراق لازالوا يمارسون هذه الظاهرة التي بدورها في طريها للانقراض، أشار تقرير منظمة العفو الدولية لعام 2005 إلى وجود ظاهرة ختان النساء في المناطق الكردية العراقية التالية ضواحي حلبجة وكيرميان وكركوك. هذا التقرير جاء مستنداً على مسح صحي ميداني قامت به منظمة وادي. هذه المنظمة موجودة في كردستان أكثر من عشرة سنوات. في خريف 2004 أكملت هذه المنظمة من مقابلة 1544 امرأة وفتاة في 40 قرية في منطقة كيرميان كانت نتيجة المسح 907 أي أكثر من 60% تعرضن إلى هذه العملية كانت المقابلة قد جرت لنساء وطفلات فوق 10 سنوات.
عام 2003 قام صحفي هولندي وكاتب كردي بمقابلة عدد من الأطباء مع عدد من رجال الدين وعدد من المنظمات المهتمة بحقوق الإنسان وفتحا ملف ختان المرأة في عموم المجتمع الكردي بالتساؤل: من أعطى الحق للقابلة الأمية أن تقطع جزء من جسم هذه الفتاة وهي بعيدة عن كل المقومات الصحية وهناك نص قانوني في معاهدة الأمم المتحدة التي تنص يجب حماية المراة من الختان، ذكر معظم الأطباء في مقابلة الصحفي الهولندي في مستشفى سورش إن حالات النزيف الناتجة من ختان النساء قلت ومعظم الحالات كانت عند الفتيات. في نفس المستشفى ذكرت طبيبة نسائية التي عملت في هذه المستشفى لأكثر من 25 سنة صادفت 10 حالات لهذه العملية بطلب من الزوج. كان التثقيف يجرى في المجتمع بان المرأة غير المختونة ستكون غير مؤهلة لإعداد الطعام والاعتناء بشؤون البيت لأنها تعتبر غير نظيفة وذكرت المنظمة، بأن إحدى النساء المتزوجة حديثاً عانت الكثير من المعاملة السيئة من أهل زوجها مما دفعها إلى إجراء العملية لنفسها.
أسباب تقلص ظاهرة الختان في المجتمع الكردي
كان للمنظمات النسوية دوراً رائداً في مختلف المناطق التي عانت ختان المرأة، اذ قمن بحملة ضد الختان النسوي واستمدت المنظمات النسوية قوتهن عندما جاء رجال الدين في السليمانية بفتوى في أيار عام 2005 تقول إن هذه العملية مؤذية للمرأة، وهذه الفتوى تناقلتها التلفزيونات الكردية في برنامج" الدين والحياة ". وهناك خلاف في المدارس الدينية. المدرسة الشافعية التي يخضع لها الأكراد تفرض الختان على المرأة والرجل المدرسة الحنبلية تفرض على الرجال فقط.
وأكدوا إن خِتان النساء هو تقليد قديم مُتخـِّلِف لا يمـُتْ بأي صِلة للإسلام، شأنه شأن وأد البنات أو غيرها من العادات الغريبة التي تتمَعـَّن في اضطهاد المرأة؛ وخِتان النساء هو عادة غريبة مـُتخلـِّفة لا توجد إلا في المجتمعات المـُتخلـِّفة (دونا ً عن سواها ) والعملية هي خرق واضح لكل الأعراف والأخلاق والقوانين الدولية.
ماذا عن رأي علم النفس
يقول الباحث سليمان مصطفى اختصاصي أمراض نفسية: ما يسمى ختان المرأة جريمة وأذى نفسي كبير بحق المرأة في مختلف أماكن تواجدها هذه العملية تسبب للمرأة جرحاً كبيراً في نفسها، ومن الناحية الطبية تشير التقارير إلى حجم الأثر الذي تخلفه هذه العملية على المرأة ، بالعلم إن معظم من يمارسن هذه المسألة سيدات أميات لا يحتكمن للعلم أبداً وحتى الدين يرفض ختان المرأة، عمليا يتم الختان بحجة الشرف والعفة. والسؤال متي سينهض المجتمع من غفلته ليدرك أن الشرف والعفة ليسوا مرتبطين بجسد الأنثى ولكنهم مرتبطين بمكارم الأخلاق التي يفتقدها الكثيرون.
كلمة أخيرة
ختان المرأة ظاهرة تمارس في بلدان عديدة ونسبة من يمارس بحقهن في العالم العربي في تزايد لا في تناقص، كما تشير الكثير من التقارير، أتذكر صديقتي الموريتانية أثناء الدراسة الجامعية كانت تكلمني عن الظاهرة في مجتمعها وكأنه أمر أقل من العادي، ونبقى لنذكر إن ختان المرأة تشويه لجسدها وتغيير في خلق الله وتعذيب لها، وختانها يمثل المحرم الذي يجب أن نتحاشاه لأنه يتعلق بالمرأة والحديث عنها أشبه بالبحث عن الحقيقة في حقل ألغام يعج بألغام التابو الموروثة منها والمنتجة بذات الذهنية التي تقوم ببتر جزء من جسد المرأة بغرض تحجيم أو إلغاء متعة وهبها الله للإنسان أكان رجلا أم امرأة.
والسؤال: هل يبقى جسد المرأة أقدم مستعمرة شهدت أبشع الجرائم التاريخية فوق جغرافيتها وهل يبقى الجسد يقاوم أزلية محاولات امتهانها.